عوامل نشأة مدخل المعايير في التعليم.
بخصوص البدايات الأولى لمدخل المعايير في التعليم، يذهب العديد من الباحثين
و المهتمين ولعل من أبرزهم أحمد المهدي عبد الحليم، في معرض مناقشته
وانتقاده لأسلوب تطبيق هذا المدخل في مصر، إلى أن أصل نشأته أمريكي (MAD IN
USA صناعة أمريكية)؛ حيث اتخذ إصلاح التعليم في الولايات المتحدة
الأمريكية شكل مداخل وحركات تتزامن وتتنافس،ولعل من أبرزها :
1- حركة تحديث بنية العلوم ، التي قامت في أمريكا بعد نجاح الاتحاد
السوفيتي عام 1957 في إطلاق أول صاروخ في الفضاء لجمع معلومات. وقد اقتضت
هذه الحركة إعادة النظر في بنية العلوم كلها، وشاع وصف "جديد" لمناهج
المواد المختلفة في المدارس ، وكانت العناية الكبرى في هذه الحركة موجهة
إلى محتويات المنهاج؛ للتأكد من أنها صادقة بمقاييس التقدم العلمي المعاصر،
وأنها مشروعة ومبررة اجتماعياً ، وأنها قابلة للتعلم. وكان حجر الزاوية في
هذه الحركة مقولة برونر (Bruner, J.):
"إنك تستطيع أن تعلم أي شيء للمتعلمين في أي عمر إذا استطعت أن تضع المادة
المتعلمة في صورة أمينة وملائمة للبنية الذهنية للمتعلمين".
2-حركة إصلاح التعليم المؤسس على مدخل الكفايات و تدعو ، كأساس للإصلاح،
إلى ضرورة تحديد وتنمية كفايات المعلمين وكفايات المتعلمين على حد سواء،
وقد شاعت هذه الحركة في البحوث الصادرة عن عدد من الجامعات الأمريكية
ومراكز البحث التربوي، وانتقلت إلى العالم العربي من خلال من ابتعثوا
للتعلم في أمريكا، ومن خلال الأدبيات الأمريكية التي تمت ترجمتها في بعض
الدول الأوروبية مثل فرنسا و بلجيكا وبعدها إلى العربية ،فتبنت بعض الأنظمة
التعليمية في دول عربية مثل المغرب وتونس مدخل الكفايات في بناء و تطوير
المناهج الدراسية.(الدريج محمد ، 2004).
3- مدخل الإصلاح القائم علىالمعايير القومية للتعليم
والمحاسبيةStandards-BasedEducation Reform and Accountabilityوهو المدخل
الذي لقي انتشارا كبيرا وربما يحمل اليوم قصب السبق في العديد من الولايات
الأمريكية لأسباب سيأتي ذكرها في عناوين لاحقة ، وهو المدخلالذي تم
استنساخه لإصلاح التعليم في بعض الدول ومنها العربية و دخل بالتالي في
معركة التنازع على المواقع بينه وبين مداخل أخرى مثل مدخل الأهداف السلوكية
الذي أصبح في طور الانقراض ، ومدخل الكفايات والذي لا يتناقض بالضرورة مع
مدخل المعايير كما سنبين لاحقا.
دواعي اختيارمدخل المعايير لإصلاح التعليم في أمريكا.
ظهر مدخل "المعايير في إصلاح التعليم" في عدد من الولاياتالأمريكية منذ
ثمانينات القرن الماضي ،وساد في التسعينيات ، وأنجزت حوله العديد
منالدراسات تم نشر أهمها في المجلد السنوي الثاني لأقدم جمعية مهنية في
أمريكا ، تحت عنوان:
From the Capitol to the classroom : Standards- Based Reform in the States.
(أي من الكونجرس إلى الفصل المدرسي: الإصلاح المؤسس على المعايير في الولايات).
وأصدرت الجمعية الأمريكية للبحث التربوي ، في شأن هذا المدخل، عدداً خاصاً من إحدى مطبوعاتها ربع السنوية المخصصة للبحث التربوي.
ووراء ذلك الانتشار ، عوامل يمكن اختصارها في النقاط التالية :
أولا- العامل الاقتصادي:
لعل من أدوات دعم سيطرة القطب الأوحد ، اللجوء إلى محاولة عولمة "الاقتصاد"
في سائر دول العالم ، فكانت دعوة الدول جميعها – وبمعاونة البنك الدولي
وصندوق النقد الدولي- على أن تعيد هيكلة اقتصادياتها، لتكون جزءاً من
الاقتصاد العالمي؛ دون رعاية للتباينات والفروق الشاسعة بين الدول المتقدمة
والدول النامية. وأن تتبنى الدول كافة ،تحرير اقتصادها وتوجيهه إلى
اقتصاديات السوق الذي تتنافس فيه أضعف الاقتصادات في دول العالم مع أعتاها.
وفي هذا الإطار ،شكَّل الرئيس الأسبق "رونالد ريجان"، رغبة منه في محافظة
بلاده على موقع الصدارة ، لجنة رفيعة المستوى للنظر في الاستراتيجيات
والسياسات التعليمية التي تكفل لأمريكا السبق والتميز في مخرجات التعليم،
وتجاوز كل أخطار الضعف العلمي والتكنولوجيفي المجتمع الأمريكي وأطلقت
شعارات "تعلم لتربح Learn to Earn" وتعلم لتعمل "Learn to Work".(عنأحمد
المهدي عبد الحليم ،2006).
كما كان التقرير حول واقع التعليم الذي قدم لريجان ،" أمة في خطر" A nation
at risk(1981 )، من المبادرات التي زادت من ترسيخ اتجاه اعتماد المعايير
في تطوير التعليم وتحسين جودته.وكان هذا التقرير الوثيقة الأكثر أهمية
والتي جاءت بعد دراسة ميدانية لمخرجات التعليم ، وخلصت إلى أن التعليم في
الولايات المتحدة الأمريكية قاصر عن إعداد مخرجات تتناسب مع نوعية التطور
العلمي المنشود، وشخص ضعف الخريج الأمريكي آنذاك في اللغة والرياضيات
والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة .
وفي عهد الرئيس جورج بوش (الأب)،عقد في سبتمبر عام 1989 بولاية "فرجينيا"
اجتماع "قمة تربوية " شارك فيها الرئيس وحكام الولايات ، تمت فيه الدعوة
إلى إعداد أهداف تعليمية من شأنها أن تحقق لأمريكا موقع الصدارة في التنافس
الدولي.فصدربيان رسمي يذكر الأهداف التي يجب أن يتوخاها نظام التعليم في
أمريكا، وبعض المبادئ التي يجب أن توجه التعليم في الولايات؛ وكان أبرزها
ما يلي:
(1) ضرورة أن يبدأ جميع الأطفال في الولايات المتحدة التعليم وهم مستعدون له.
(2) ألا تقل نسبة المتخرجين في المدارس الثانوية عن 90% من أعداد الطلاب الذين أكملوا المرحلة الابتدائية.
(3) وجوب تقويم منتظم لأداءات الطلاب في الصفوف: الرابع والثامن والثاني
عشر، و التأكد من كفاءتهم في العلوم الأساسية: اللغة الإنجليزية والرياضيات
والعلوم، والجغرافيا والتاريخ بالإضافة إلى نضجهم الاجتماعي كمواطنين في
مجتمع منتج.
(4) يتعين أن يكون الطلاب الأمريكيون أوائل الطلاب على المستوى العالمي في تحصيل العلوم والرياضيات.
(5) أن يتحرر جميع الأمريكيين من الأمية، وأن يتسلحوا بالمعارف والمهارات
اللازمة للتنافس في سياق النظام الاقتصادي العالمي، وأن تزداد كفاءتهم في
ممارسة حقوق المواطنة وواجباتها.
* * *
وفي 18أبريل من عام 1991، أصدرت وزارة التربية في الولايات المتحدةوثيقة أطلق عليها "أمريكا عام 2000- استراتيجية التربية".
وتحولت هذه الاستراتيجية المقترحة ،إلى خطة شاملة صدرت في عهد الرئيس "بيل
كلينتون"عام 1994، تحت عنوان "أهداف عام 2000، قانون تعليم أمريكا" ، ونص
في ذلك القانون على الأهداف القومية للتعليم، وعلى ضرورة وضع معايير في
مستويات عليا لجميع التلاميذ والطلاب، وعلى ضرورة أن تتغير مناهج التعليم
وأنظمة التقويم في الولايات، وأن تتوحد في مضامينها وأدواتها مع المعايير
القومية لتجسم جميعها خطاً فكرياً وعملياً موحداً .
ثانيا: عامل انتشار مفاهيم الجودة الشاملة :
بموازاة كل تلك العوامل ، برز منتصف القرن الماضي في أمريكا وفي عموم الدول
الغربية ، مفهوم إدارة الجودة الشاملةفي مختلف مجالات الحياة و الإنتاج ؛
وانتقل إلى قطاع التعليم باعتبار التعليم أداة للتنمية ، فكان مفهوم الجودة
الشاملة في التعليم؛ والذي تطلب ، سواء لدى الباحثين التربويين أو
المسؤولين عن القطاع ،تحقيق ما يلي:
1- تحديد "معايير" تعتبر مرجعيات أساسية في جميع جوانب العملية التعليمية،
معاييرتشكلأساساً للحكم على تحصيل الطلاب، و تقويم أداء المدارس المختلفة،
ومدى مشاركة المجتمع المحلي والقومي في مراقبة وتقدير عمليات التعليم.
2- مراقبة الأداء في التعليم مراقبة "ذاتية"، سواء في ذلك المعلم والمتعلم
والمدرسة، أي وضعآلية للتقويم الداخلي للجودة. وهذا يقتضي إعداد اختبارات
تحصيل، و مقاييس أداء تنسجم مع مدخلالمعايير.
ويذكر بلاكيستون و سباتيلا (1996) أن عددًا من الإدارات التعليمية والمدارس
في التعليم العام في الولايات المتحدة الأمريكية ، تبنت بالفعل فلسفة
إدارة الجودة الشاملة وحققت نتائج إيجابية مذهلة. وتعد مدرسة ماونت إيدج
كومب الثانوية في مدينة سيتكا بولاية ألاسكا ، أول مدرسة حكومية تطبق
مفاهيم ومبادئ إدارة الجودة الشاملة، حيث يقضي الطلاب ما يقرب من 90 دقيقة
أسبوعيًا في برنامج تدريبي في تطوير وتحسين الجودة وحل المشكلات، يستعرضون
مستوى أدائهم، وطرق التعلم المختلفة لكل منهم، والعمل كفريق مع الإدارة
والأساتذة في مشاريع التحسين المستمر لجودة التعليم. وقد أوضحت إحدى
الدراسات التي أجريت على أكثر من 100 منطقة تعليمية في الولايات المتحدة ،
تطبق أسلوب إدارة الجودة الشاملة في مؤسساتها التربوية والتعليمية، نتائج
جيدة في مستوى أدائها، ومتفاوتة بين بعضها بعضًا (هورين هيلي،
وروباك1993،وشابيل1993). كما أن نظام إدارة الجودة الشاملة أثبت نجاحه في
التعليم العالي. فقد خلصت إحدى الدراسات التي أجريت على العديد من الكليات
والجامعات الأمريكية التي تطبق أسلوب إدارة الجودة الشاملة إلى زيادة تمكين
العاملين، ورضا العملاء أو المستفيدين، وتوظيف فرقالعمل، وتغيير في ثقافة
الأفراد (المديرس عبد الرحمن ،2006.).
- نماذج مقترحة لضبط جودة التعليم وفق مدخل المعايير:
سنعمل في العناوين اللاحقة ، على تقديم نموذجين تركيبيين قمنا بتأليفهما
انطلاقا من العديد من الدراسات المتخصصة في الموضوع ، لتوظيف المعايير في
التعليم وتجويده سواء على مستوى التعليم العام بمرحلتيه الأساسية والثانوية
أو على مستوى تطوير المناهج الدراسية وهما :
- النموذج الأول : بناء معايير التعليم العام (أساسي ،ثانوي).
- النموذج الثاني : بناء معايير المناهج الدراسية.
النموذج الأول : بناء معايير التعليم العام(أساسي ،ثانوي).
إن الاستثمار في التعليم هو أغلىأنواع الاستثمار، وقد أكد البنك الدولي أن
الدولة التي تنفق على التلميذ من أجلالتعليم أقل من 500 دولار في العام ،
لا يتحقق فيها أي نمو اقتصادي، بينما الدول التيتنفق أكثر من ذلك ، ينطلق
فيها النمو الاقتصادي.
فما هي الوضعية في العالم العربي ؟إننا نلاحظ بصفة عامة أن موارد العديد من
الدول العربية لاتسمح بذلك الإنفاق في التعليم ( 500دولارللتلميذ سنويا) ،
ولكن من الأساليب التي يمكن أن تعوض هذا النقص وربما سوء التدبير ، هو
تبني برامج الجودة الشاملة، و هي مطلب على المدرسة المغربية والعربية عموما
، أن تطبقه حتى تساير هذا العصر المتغيرالذي يشهد انفجاراً معرفياً
وتكنولوجيا متسارعاً ، حيث أصبح العالم قرية صغيرة لا مكان فيهاللضعفاء في
ظل العولمة والتحديات الكثيرة.
ويعتقدمحمد يوسف أبو ملوح(2006) ، أن من أهم آليات تحقيق الجودة في أنظمتنا
العربية ؛ تعزيزالتقويم الذاتي الداخلي على كل المستويات في المدرسة
والتدريب المستمر لكل الأطر التعليمية ، واعتماد أسلوب التقويم الخارجي
المحايد الشفاف، الذي يعطي ثقة للمعلمينويمدهم بالخبرات الضرورية ،
وبالمقارنة بين عمليتي التقويم الداخلي والخارجي، تستطيع المدرسة أن تحدد
أين هي من رؤيتها ورسالتها التي تسعى إلى تحقيقها دون أياعتبارات ذاتية أو
عاطفية.
وفيما يلي عرض لبعض أهم المعايير والمؤشرات التي يمكن اعتمادها في قياس
مستوى جودة التعليم العام ( الأساسي والثانوي...) انطلاقا من دراسة أبو
ملوح (مركز القطان للبحثوالتطوير التربوي،غزة،2006).
المحور الأول: معايير مرتبطة بالتلاميذ: من حيث القبول والانتقاء ونسبة عدد
التلاميذ إلى المعلمين،ومتوسط تكلفة الفرد والخدمات التي تقدم للتلاميذ ،
ودافعيتهم واستعدادهمللتعلم.
المحور الثاني: معايير مرتبطة بالمعلمين: من حيث حجم الهيئة
التدريسيةوثقافتهم المهنية واحترام وتقدير المعلمين لطلابهم، ومدى مساهمة
المعلمين في خدمةالمجتمع.
المحور الثالث: معايير مرتبطة بالمناهج الدراسية: من حيث أصالةالمناهج،
وجودة مستواها ومحتواها، والطريقة والأسلوب ومدى ارتباطها بالواقع، وإلىأي
مدى تعكس المناهج الشخصية القومية أو التبعية الثقافية.
المحور الرابع: معايير مرتبطة بالإمكانيات المادية: من حيثمرونة المبنى
المدرسي وقدرته على تحقيق الأهداف ومدى استفادة الطلاب من مرافقه مثل
المكتبةالمدرسية والأجهزةوالأدوات...الخ.
المحور الخامس: معايير مرتبطة بالعلاقة بينالمدرسة والمجتمع: من حيث مدى
وفاء المدرسة باحتياجات المجتمع المحيط والمشاركة فيحل مشكلاته، وربط
التخصصات بطبيعة المجتمع وحاجاته، والتفاعل بين المدرسة بمواردهاالبشرية
والفكرية وبين المجتمع بقطاعاته الإنتاجية والخدمية.
المحورالسادس: معايير مرتبطةبالإدارة التعليمية: من حيث التزام القيادات
التعليمية بالجودة وتفويض السلطاتأي اللامركزية، وتغيير نظام الأقدمية،
والعلاقات الإنسانية الجيدة واختيار الإداريينوالقيادات وتدريبهم.
المحور السابع: معايير مرتبطة بالإدارة المدرسية: من حيث التزام القيادات
بالجودة، والعلاقاتالإنسانية الجيدة، واختيار الإداريين وتدريبهم.
* * *
و بخصوص هذين المحورين الأخيرين المرتبطين بالتسيير الإداري للتعليم عموما
وللمدرسة على وجه الخصوص ،ونظرا لأهميتهما في تحقيق الجودة ، يمكن إضافة
إلى المؤشرات التي حددها أبو الملوح لقياس جودة التعليم العام، نماذج من
إجراءات و ترتيبات لتشخيص بعض المعايير التي تبرز دور الإدارةالتربوية في
مساندة المدرسة و الرفع من جودة أدائها ، وذلك على النحو التالي:
- تحديد رسالةالمدرسة وربط فعالياتها بمتطلبات رؤية التعليم ورسالته.
- اعتبار المدرسة وحدة تنظيمية مستقلة تتبعالإدارة العليا من خلال خطوط إدارية عريضة.
- إتاحة قدر أكبر من اللامركزيةوالحرية للمدرسة لتحقيق التطوير والإبداع في جميع مجالات العملالمدرسي.
- تطوير التشريعات واللوائح التي تنظم العمل المدرسي والمتابعةالإشرافية المستمرة للمدارس.
- تدريب إدارات المدرسة على الأساليب الحديثةفي التخطيط الاستراتيجي وتطبيقات ذلك في المجال المدرسي.
- تدريب الإدارات المدرسية على مهارات بناءالعلاقات الاجتماعية سواء داخل
المدرسة أو خارجها واعتبار ذلك من مكونات وتأهيلالإدارات الجديدة.
- توظيف نظم المعلومات والتكنولوجيا في تطوير أداءالإدارة المدرسية.
- فعيل روح الديمقراطية في المجتمع المدرسي من خلالالمجالس المدرسية ومجالس الآباء.
- العمل على ربط عملية اتخاذ القرارباحتياجات التلاميذ والعاملين والمجتمع المدرسي.
- تعزيز العمل الجماعي " مشروع الفريق" في المدرسةو تشكيل فريق الجودة
والذي يشمل فريق الأداءالتعليمي،واعتبار كل فرد في المدرسةمسئولا عن الجودة
وتحديد معايير الأداءالمتميز لكل أعضائه.
- سهولة وفعالية الاتصالوتطبيقنظام الاقتراحات والشكاوى وتقبل النقد بكل
شفافية وديمقراطية وتيسيرالتواصل الإيجابي مع المؤسسات التعليمية
الأخرىوغير التعليمية (المجتمعية والأهلية).
- تدريب المعلمينباستمرار وتعريفهم على ثقافة الجودة، لرفع مستوى الأداء المهني.
- نشر روحالجدارة التعليمية (الثقة/الصدق/الأمانة/الاهتمام الخاص بالتلاميذ).
- مساعدةالمعلمين على اكتساب مهارات جديدة في إدارة المواقف الصفية والتركيز علىالأسئلةالتفكيرية.
- ممارسة التقويم الداخلي الذاتي علىالأقل مرتين سنوياً والإعلان عن نتائجه
- النموذج الثاني : بناء معايير المناهج الدراسية.
لاشك أن تطوير النظام التعليمي يتطلب توفير معلمين أكفاء وإدارة تربوية
فعالة ، لكنه يتطلب كذلك ، إعداد مناهج تربوية ملائمة،أي مناهج تراعي
المعايير الخاصة التي تسهم في تحقيق مبادئ الجودة في نوعية التعليم .ومن
هنا الإلحاح قصد تحقيق أهداف الجودة في التعليم ،على ضرورة العمل بالمنظور
الشمولي ، بحيث يشمل العمل تحقيق جودة المدخلات والعمليات والمخرجات ولا
يركز على جانب ويهمل الجوانب الأخرى.
كما تتفق نتائج العديد من البحوث ، على ضرورة أن يكون النهوض بجودة المناهج
الدراسيةمتكاملا ، من حيث: المحتوى ووضع الأهداف وإمكانية تحقيقها ،
والتأكد من واقعيتها في تلبية رغبات المتعلمين وأولياء أمورهم والمجتمع .
كما يجب الاهتمام بتطوير طرق التدريس ، ووسائل التقويم ، مما يؤدي إلى
التطوير المتواصل لقدرات ومهارات المتعلمين وتجنب الرسوب والتسرب وما ينتج
عنهما من هدر مدرسي.
ونظراً لأهمية تحقيق الجودة في المناهج والبرامج التعليمية ، فقد قامت بعض
الدول العربية بوضع معايير قومية للتعليم _ كما سنرى بشيء من التفصيل في
الفصول القادمة _ بحيث تكون شاملة ، تتناول جميع الجوانب المختلفة لمدخلات
العملية التعليمية ، وتسعى لتحقيق مبدأ الجودة الشاملة .معاييرتشمل
المجالات التالية : المدرسة الفاعلة كوحدة متكاملة ، والمعلم كمشارك أساسي
في العملية التعليمية ، والإدارة المميزة ، والمنهاج المدرسي وما يكتسبه
المتعلم من معارف وكفايات وقيم ، والأدوات التعليمية، وأساليب التقويم ،
فضلاً عن المشاركة المجتمعية ، حيث تسهم المدرسة في خدمة المجتمع ويقوم
المجتمع بدوره بتقديم الدعم للمدرسة مادياً وخدمياً وإعلامياً . (هند
عبدلله الهاشمية،" ضمان تحقيق الجودة في البرامج التعليمية "،مجلة التطوير
التربوي ، العدد 29- سبتمبر 2006، منشورات وزارة التربية والتعليم ، سلطنة
عمان ،ص 42).
هكذا تلعب المناهج دورا كبيرا في المنظومة التربوية التعليمية ، فمن المهم
إذن أن تكون في مستوى من الجودة والكفاءة والفعالية . لذا نجد المهتمين
بموضوع ضمان الجودة قد وضعوا مجموعة من المعايير للمناهج الدراسية لكي تحقق
الجودة المطلوبة . وفيما يلي عرضلأهم تلك المعايير .
المعيار الأول : هل يحقق المنهاج الدراسي ، المخرجات التعليمية المرغوبة و
الموصوفة؟ ينبغي أن يرسم كل منهاج في أهدافه ومحتوياته ، مجموعة من
المواصفات تتمثل في مخرجات معرفية (كفاياتالحفظ والفهم و الإبداع...) و
مهارية (مهارات حسية حركية وأدائية و منهجية...) و قيم واتجاهات( اجتماعية ،
أخلاقية، دينية ...).لذلك فإن الحكم على منهاج معين من حيث جودته، يجب أن
يتحقق فيه هذا المعيار بحيث يشتمل على المعرفة والمهارات والقيم التي
يحققها كمخرجات لدى التلاميذ.
المعيار الثاني : هل يعمل المنهاج على نجاح المتعلم ومواصلة الدراسة في
المرحلة الجامعية أو التهيؤ للانخراط في سوق العمل ؟ المنهاج في التعليم
العام هو المنطلق الذي تنبني عليه مناهج التعليم العالي، كما أنه الأساس
الذي يمكن أن نبدأ به عند تهيئ المتعلم للالتحاق بسوق العمل، لذا فمن
معاييرجودة المنهاج أن يكون قادراً على تكوين شخصية التلاميذ من جميع
الجوانب وتزويدهمبالخبرات والمعارف والمهارات والاتجاهات التي
تعينهمعلىإتمام دراستهم الجامعية أو الانخراط في سوق العمل .
المعيار الثالث : هل محتوى المنهاج الدراسي مدعوم بالبحوث والدراسات و
مواكب للتطورات العلمية ؟ للحكم على جودة المناهج الدراسيةلابد من أن تكون
محتوياتها مواكبة للتطورات والمستجدات العلمية والتكنولوجية ،لأن المعارف
تتجدد و التكنولوجيات تتطور وكل يوم يظهر شيء جديد على كافة المستويات
الأكاديمية والتربوية،من حيث المضامينو من حيث طرق وأساليب تقديم تلك
المضامين وتدريسها للتلاميذ،فمن المهم إذن ، أن يكون محتوى المنهاج المقدم
حديثاً ومواكباً للتطورات العلمية .
كما يعني هذا المعيار ضرورة ارتباط المناهج الدراسية بنتائج البحوث العلمية
،ذلك أن المعرفة الإنسانيةنشاط مستمر تتراكم نتائجه بفضل تراكم نتائج
البحث العلمي بمختلف مجالاته ومستوياته. ويمكن تطبيق ذلك في محتوى المنهج
من خلال إبراز نتائج الدراسات والبحوث التي تمت في مختلف المجالات العلمية
البحتة و الإنسانية ...، لأن ذلك يجعل المتعلم وثيق الصلة بنتائج العلم،
ويري الفائدة منها . وإذا ما كان محتوى المنهاج يشتمل على مثل هذه النتائج
فهذا دليل على جودته.
المعيار الرابع : هل تعكس أهداف المنهاج الدراسي المتطلبات والتطلعات
الوطنية والدولية ؟ تهدف التربية إلى إعداد الفرد ليكون مواطنا صالحا،كما
تهدف إلى مستوى عالمي يتمثل في إعداد الفرد لمواجهة التحديات ومعرفته
بالقضايا العالمية ،مثل قضايا السلام و الديموقراطية وحقوق الإنسان و
العولمة والبيئة والسكان والهجرة والأوبئة... أي يكتسب ما يعرف بالمواطنة
العالمية. وبالتالي فمن معايير جودة المنهاج هو قدرته على إعداد هذا الفرد
وفق هذا المعيار أي من خلال اشتماله على القضايا الوطنية والعالمية وربط
المتعلم بها . هذا الارتباط يحقق الأهداف العامة الكبرى التي تمثل فلسفة
المجتمع في التربية والتعليم . ( امبوسعيدي عبد الله،2004 ).
المعيار الخامس :إلى أي حد يراعي المنهاج الدراسي التربية الأخلاقية، الأهمية التي تستحقها ؟
أثبتت العديد من الدراسات المعاصرة ، أهمية إعادة الاعتبار للتربية
الأخلاقية وضرورة صياغة ثقافة مدرسية ترتكز أولوياتها على القيم الأخلاقية
(مدرسة القيم) و ليس فقط على المعارف و المهارات . مما أدى ببعض المشتغلين
بنظريات المنهج ،إلى الحديث عن المنهج الأخلاقي وحددوا عددا منالمؤشرات في
إطار هذا المعيار و التي ينبغي أن يلتزم بها المنهج من أهمها :
- الحرص على إكساب التلاميذ سمات و عادات شخصية مرغوب فيها ، مثل : الأمانة و التعاون و مساعدة الآخرين .
- الحرص على الارتباط بالقيم المتصلة بالمجتمع و بالوطن و تاريخه ومقدساته ،
مثل الانتماء و الالتزام و التضحية و تقدير العمل ومعرفة الخصائص المميزة
لثقافة المجتمع وتراثه.
- ترسيخ القيم الكونية ، مثل : احترام حقوق الإنسان و رفض فكرة الاحتلال و
التعاون و الحوار و التسامح و تقدير أهمية الشرعية الدولية و المبادئ و
المواثيق التي صادقت عليها الأمم .( الدريج محمد ، 2005).
المعيار السادس : إلى أي مدى يتصف المنهاج الدراسي بالمرونة والاندماج؟
لابد أن تستجيب التربية ، من خلال المناهج الدراسية،للتغيرات و التطورات
التي يعرفها العالم وذلك من خلال مرونة المنهاج المقدم للتلاميذ . والمقصود
بالمرونة أن يترك المشرع هامشا في المنهاج يستطيع من خلاله المعلم إدخال
ما هو جديد و متابعة التطورات العلمية وتوظيفها في المحتوى المقدم وكذلك أن
نترك للمؤسسة و للمنطقة التعليمية حرية اقتراح وبنسبة معينة ،مواضيع
وقضايا ترتبط بخصوصيات البيئة المحلية واحتياجات المنطقة أي ما نطلق عليه
بالمنهاج المندمج للمؤسسة ( م 3)؛و معناه أنه بالإضافة إلى وجود منهاج رسمي
وطني عام وموجه لجميع التلاميذ في مختلف الأقاليم ، هناك نوع من المنهاج
"المعدل" أو المكيف و الذي يلائم خصوصيات المؤسسة و يندمج مع الخصوصيات
الاقتصادية و الثقافية للمنطقة و يلبي احتياجات سكانها .
كما تشمل مرونة المنهاج قدرة المعلم على التقديم والتأخير في المواضيع
الدراسية، دون الإخلال بالترتيب المنطقي والنفسي للمحتوى. ( الدريج محمد ،
2000).
المعيار السابع : إلى أي حد يخلو محتوى المنهاج الدراسي من الغموض ؟ من
معايير ضمان الجودة في المناهج الدراسية خلوها من العيوب سواء أكانت عيوب
من حيث المادة العلمية ( المضامين) أو عيوب من ناحية طريقة عرضها أو عيوب
في الإخراج. فإذا ما وجدت هذه العيوب ستضعف من قدرة منهج ما في تحقيق
الأهداف التي وضع من أجلها . لذا على القائمين ببناء المناهج وتأليف الكتب
المدرسية مراعاة هذا المعيار عند تأليفهم ، حتى يضمنوا تحقق ما يرغبون
تحقيقه في المنهاج .
كمايعني هذا المعيار ضرورة أن يكون المنهاج الدراسي واضحا في طريقة عرضه
وفي المادة التعليمية التي يشتمل عليها ، وأن أي غموض فيه سيخل بالأهداف
التي تم وضعه من أجلها.(عبدالله خميس أمبوسعيدي ، مجلة التطوير التربوي (
العدد 29- سبتمبر 2006، منشورات وزارة التربية والتعليم ، سلطنة عمان).
المعيار الثامن : إلى أي مدى يعمل المنهاج على جعل عملية التعليم - تعلم
متمركزة على التلاميذ ويراعي الفروق الفردية بينهم ؟ في ظل التوجهات
الحديثة التي تنادي بضرورة إشراك المتعلم في عملية التعلم بشكل أكبر، فإن
هذا المعيار يعد من المعايير التي يتم الحكم في ضوئها على جودة المنهاج
الدراسي. فإذا استطاع القائمون على تصميم المنهاج بأن يجعلوه متمركزاً على
المتعلم من حيث إتاحته لأكبر قدر من المشاركة و من حيث احترام خصوصياته و
وتيرته ومطالب النمو لديه ، فإنهم بذلك يحققون منهاجا يتصف بالجودة .
إن هذا التمركز حول المتعلم ، خاصة عندما يتشخص فيما يعرف بالتعلم الذاتي ،
يعني أن التلميذ هو الذي يبني معلوماته وعلمه وأن لا أحد يمكن أن يحل محله
و أن يعوضه في هذه العملية . بطبيعة الحال ذلك لا يعني تهميش دور المدرس ،
بل بالعكس ، إن المدرس يعمل باستمرار على اكتشاف أخطاء التلاميذ في منطقهم
الخاص و في أسلوبهم في التفكير وفي أدائهم و إنتاجاتهم الشخصية؛ و الكشف
عن دلالات تلك الأخطاء و بالتالي عن كيفية إصلاحها و تجاوزها .
كما يقود معيار التمركز على المتعلم وبشكل تلقائي، إلى العناية بالخصوصيات و
الفروق الفردية و بالتاريخ الشخصي و الاجتماعي للتلميذ . كما يقود إلى
العناية بتنويع أساليب التعلم وتوجيهها لتلائم تلك الخصوصيات . إن العناية
بالفروق الفردية في القدرات و الذكاءات المتعددة وسمات الشخصية ،تجنبنا
تهميش أسلوب المتعلمين في التفكير و العمل وتجاهل منطقهم وذكائهم الخاص .
إن المشكل بخصوص أساليب التعلم والمعرفة ، يكمن في محاولة تجنب الجمود و
التقوقع في أسلوب واحد. وقد يكمن التحدي في كون كل تلميذ قد يحتاج إلى
تربية خاصة وربما إلى منهاج خاص.( الدريج محمد ، 2003).
المعيار التاسع : إلى أي مدى يسمح المنهاج باستخدام الطرق والتقنيات
الحديثة في التدريس ؟ لم تعد طرق التدريس التقليدية التي استخدمها المعلمون
في الماضي مناسبة لعالمنا، إذ لابد من التحديثوالتنويع فيها ،و توظيف
تقنيات التعليم ووسائط التعلم ( التكنولوجيات) المتجددة. لذا وضع القائمون
على ضمان الجودة في التعليم ، معايير للحكم على المناهج من حيث جودتها،
ترتبط بمدى تشجيعها للمعلم على تنويع طرقه وتوظيف تقنيات التعليم الحديثة .
يعني هذا المعيار إذن ،تطوير المناهج لتتناسب و خصائص المتعلم الذهنية و
النفسية و مراحل تطوره العمري و احتياجاته ، باعتماد منهجية علمية تقوم على
الاستفادة من الأساليب و التقنيات المتبعة في هذا المجال ، و تطوير
استراتيجيات التعلم و التعليم بحيث ترتكز على التفكير المستقل و مهارات
النقد الذاتي و حل المشكلات و البحث والابتكار و مهارات التفكير العليا ،
مع ربط ما يتعلمه الطالب بمشكلات و ظروف تطبيقية ".
فهل يساعد المنهاج مثلا ، على إدراج العديد من الطرق والتقنيات من مثل
أسلوب الاكتشاف و أسلوب حل المشكلات في تعليم المفاهيم . إذ تلح نتائج
الدراسات على ضرورة " التركيز على أن يتحول دور المعلم من دوره التقليدي في
تلقين الطلبة المعلومات و الحقائق العلمية ، إلى قائد اوركسترا يوجه فريق
المتعلمين إلى اكتشاف مكامن إبداعاتهمو إبراز منابع مواهبهم ، و العناية
بالتالي ، بأسلوب حل المشكلات".
و نجد في المناهج الدراسية المغربية على سبيل المثال ،خاصة مناهج العلوم ،
انتشارا واسعا لاعتماد أسلوب الاكتشاف وأسلوب حل المشكلات وطريقة المشروع
... في مختلف مراحل التعليم . فعلى سبيل المثال يمكن أن نقرأ في " فضاء
النشاط العلمي "(محمد بلكبير وآخرون ،مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط
،2004)، بخصوص توظيف طريقة المشروع :
"يعتبر المشروع عاملا تربويا مركزيا في بناء الكفايات ، وذلك لكونه :
- يكسب المتعلم قدرات على مواجهة وضعيات تتطلب حلولا؛
- ينمي لدى المتعلم التفكير العلمي والعمل الجماعي ؛
- يساهم في تعديل سلوك المتعلم بإكسابه مواقف وخبرات جديدة يوظفها في حياته اليومية(...)".
كما نقرأ في " المنير في النشاط العلمي" ،"الذي ألفهمحمد رشيح وآخرون ( منشورات صوما كرام،الدار البيضاء ،2004):
" إن الوضعية المشكل تعتبر من الأساليب الملائمة لتكوين الكفايات ،
باعتبارها تقنية من تقنيات التعلم الذاتي ، تعتمد بالأساس الانطلاق من
تساؤل أو مشكل محير يصادف المتعلم في علاقته التفاعلية مع البيئة والمحيط
لإيجاد حل له ، بإتباع مجموعة من الخطوات و السلوكات لتحقيق جملة من
المقاصد منها:
- تنمية روح الابتكار والإبداع لدى المتعلم؛
- زرع الثقة بالنفس وتنمية روح الاستقلالية والمبادرة وتحمل المسؤولية ؛ -إكساب المتعلم منهجية علمية؛
- مساعدة المتعلم على مواجهة المشكلات التي يصادفها في حياته .
- تنمية روح التواصل والتعاون بين الأفراد لإيجاد الحلول.
المعيار العاشر :إلى أي حد يتصف المنهاج الدراسي ،خاصة في المراحل الأولى
من التعليم ،بالشمولية والتكامل ؟ من بين معايير الحكم على جودة المنهاج
الدراسي خاصة في مرحل التعليم الابتدائي ، مدى اتصافه بالشمولية والتكامل،
بحيث تبنى فقراته ومقرراته بشكل مترابط ، على أن يكون الترابط والتكامل ليس
انطلاقا من تشابه المواضيع والمحتويات ، بل انطلاقا من كفايات أساسية و
كفايات ممتدة تشكل محاور لتنظيم العملية التعليمية وإنجازها بما يخدم بناء
شخصية متكاملة لدى المتعلم.
وننطلق في طرح هذا المعيار ،من كون المعرفة العلمية تمتاز بالوحدة و
التكامل ، و التكامل الذي نقصده هو التعامل مع الموقف ككل دون محاولة
تجزئته إلى المجالات المتخصصة ، خاصة أن المتعلم في المراحل الأولى ، لا
يعنيه إذا كانت مفاهيم مثل الطاقة والتلوث ، مرتبطة بمجال الفيزياء أو
الكيمياء أو الأحياء ، بقدر ما يعنيه معرفة مفهوم الطاقة و أثرها ككفاية
أساسية أو ممتدة، ولذلك يعالج مثلا مفهوم الطاقةأو التلوث في المنهاج
الشمولي ، ككل فهو يحتوي على مفاهيم كيميائية و بيولوجية و فيزيائية
متكاملة في وحدة واحدة .
فيتم النظر إذن ، إلى بعض المواد المتقاربة في المنهاج الواحد ، كحقول أو
مجالات واسعة بحيث تصير الكفايات /المفاهيم هي العمود الفقري في تلك
المواد. (منهاج التكامل بين المواد و منهاج المجالات الواسعة) . مما يؤكد
أن التكامل بين المواد وفي المحتويات، ينبغي أن يتم أساسا و حسب هذا
المنظور ، بالربط بين المفاهيم في مادة دراسية معينة و المفاهيم في المواد
الدراسية الأخرى ، مع مراعاة أن يخدم ذلك الترابط أهدافا مشتركة أي كفايات
أساسية وممتدة .
المعيار الحادي عشر : إلى أي حد يسمح المنهاج الدراسي بتوظيف أساليب ملائمة
وأدوات متطورة في القياس والتقويم التربوي ؟ القياس والتقويم مكونان
أساسيان من مكونات المنهاج الدراسي والعملية التعليمية برمتها . و يحظيان
باهتمام متزايد من لدن الباحثين و الممارسين، باعتبارهما وسيلة فعالة
لتوجيه المدرسين و التلاميذ نحو أنجع السبل التربوية و أقومها و توجيه
المدرسة والنظام التربوي برمته, ليقوم بدوره على خير وجه ؛لذلك كان من
الضروري التساؤل عن مدى توفرهما بالشكل المتطور ، كمعيار على جودة المنهاج
الدراسي .
خاصة أنناما زلنا في مجال القياس والتقويم ، نلاحظ في العديد من الأنظمة
التربوية ، انتشارالكثير من الممارسات الخاطئة و التي تطرح العديد من
المشكلات ، معيقة بذلك عمل المدرس و معرقلة التحصيل الجيد للتلاميذ، ولعل
في مقدمتها :
- عدم صلاحية الكثير من الأساليب المعتمدة لحد الآن في القياس والتقويم و تدني مستواها من حيث الصدق و الثبات والموضوعية.
- عدم قدرتها على تغطية مختلف الجوانب المستهدفة من شخصية التلميذ .
فالامتحانات مثلا، ما زالت تركز على تقويم مدى حفظ المعلومات وذلك على حساب
قياس مدى الكفاءة في الجوانب الأخرى من نشاط التلميذ العقلي وكذا على حساب
قياس الجوانب المهارية و الوجدانية و الاجتماعية في شخصيته . النظر إلى
الامتحان كغاية في حد ذاته وليس كوسيلة للكشف و التشخيص و التطوير، وما
يترتب عن ذلك من ظواهر سلبية مثل الخوف من الامتحان و الغش ...- ضعف أسلوب
التنقيط ووضع الدرجات .
- و من أهم الأخطاء السائدة أيضا ، الاعتماد على مقارنة التلاميذ بزملائهم ،
بدلا من مقارنتهم بما كانوا عليه وما أصبح بإمكانهم القيام به بعد التعليم
(...)