4-المقاربة التفاعلية الرمزية :
تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية.
وهي تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)،
منطلقةً منها لفهم الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأُ بالأفراد وسلوكهم
كمدخل لفهم النسق الاجتماعي. فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من
الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض
من حيث المعاني والرموز. وهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق
الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي.
ومع أنها تَرى البُنى الاجتماعية ضمناً، باعتبارها بنى للأدوار بنفس طريقة بارسونز Parsons
، إلا أنها لا تُشغل نفسها بالتحليل على مستوى الأنساق، بقدر اهتمامها
بالتفاعل الرمزي المتشكِّل عبر اللغة، والمعاني، والصورِ الذهنيةِ،
استناداً إلى حقيقةٍ مهمةٍ، هي أن على الفرد أن يستوعب أدوارَ الآخرين.
إن أصحابَ النظريةِ التفاعلية يبدَءُون بدراستهم للنظام التعليمي من الفصل
الدراسي (مكانَ حدوثِ الفعلِ الاجتماعي). فالعلاقةُ في الفصل الدراسي
والتلاميذِ والمعلم، هي علاقةٌ حاسمةٌ؛ لأنه يمكن التفاوضُ حول الحقيقة
داخل الصفّ، إذ يُدرك التلاميذ حقيقةَ كونهم ماهرين أو أغبياءَ أو كسالى.
وفي ضوء هذه المقولات يتفاعل التلاميذ والمدرسون بعضهم مع بعض، حيث يحققون
في النهاية نجاحاً أو فشلاً تعليمياً.
ومن ممثلي النظريةِ التفاعليةِ الرمزية:
* جورج هربرت ميد George H. Mead (1863-1931):
قام ميد بتحليل عمليةِ الاتصال، وتصنيفها إلى صنفين: الاتصالُ الرّمزي،
والاتصال غير الرمزي. فبالنسبة للاتصال الرمزي فإنه يؤكّد بوضوحٍ على
استخدام الأفكار والمفاهيم، وبذلك تكون اللغةُ ذاتَ أهميةٍ بالنسبة لعملية
الاتصال بين الناس في المواقفِ المختلفة، وعليه فإن النظام الاجتماعي هو
نتاجُ الأفعال التي يصنعُها أفراد المجتمع، ويُشير ذلك إلى أن المعنى ليس
مفروضاً عليهم، وإنما هو موضوعٌ خاضع للتفاوض والتداولِ بين الأفراد.
* هربرت بلومر H. Blumer (1900-1986):
وهو يتفق مع جورج ميد في أن التفاعل الرمزيَّ هو السمةُ المميزةُ
للتفاعل البشري، وأن تلك السمةَ الخاصةَ تنطوي على ترجمةِ رموزِ وأحداثِ
الأفراد وأفعالهم المتبادلة. وقد أوجَزَ فرضياتِه في النقاطِ التالية:
• إن البشرَ يتصرفون حيالَ الأشياءِ على أساسِ ما تعنيهِ تلك الأشياءُ بالنسبة إليهم.
• هذه المعاني هي نتاجٌ للتفاعل الاجتماعي الإنساني.
• هذه المعاني تحوَّرُ وتعدّل، ويتم تداولُها عبر عملياتِ تأويلٍ يستخدمُها كلُّ فردٍ في تعامله مع الإشاراتِ التي يواجهُها.
* إرفنج جوفمان ErvingGoffman (1922-1982):
وقد وجَّهَ اهتمامَهُ لتطوير مدخلِ التفاعلية الرمزية لتحليلِ الأنساق
الاجتماعية، مؤكداً على أن التفاعلَ – وخاصةً النمطَ المعياريَّ
والأخلاقيَّ- ما هو إلا الانطباع الذهنيُّ الإرادي الذي يتم في نطاق
المواجهة، كما أن المعلوماتِ تسهم في تعريف الموقف، وتوضيحِ توقعات الدَور.
مصطلحاتُ النظريّة التفاعلية الرمزية:
- التفاعل: وهو سلسةٌ متبادلةٌ ومستمرةٌ من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد مع جماعة، أو جماعةٍ مع جماعة.
- المرونة: ويقصد بها استطاعةُ الإنسان أن يتصرفَ في مجموعةِ ظروفٍ بطريقة
واحدة في وقت واحد، وبطريقةٍ مختلفة في وقتٍ آخرَ، وبطريقةٍ متباينة في
فرصةٍ ثالثة.
- الرموز: وهي مجموعةٌ من الإشارات المصطَنعة، يستخدمها الناسُ فيما بينهم
لتسهيل عمليةِ التواصل، وهي سمة خاصة في الإنسان. وتشملُ عند جورج ميد
اللغةَ، وعند بلومر المعاني، وعند جوفمان الانطباعاتِ والصور الذهنية.
- الوعيُ الذاتي Self- Consciousness:
وهو مقدرةُ الإنسان على تمثّل الدور، فالتوقعات التي تكُون لدى الآخرين عن
سلوكنا في ظروف معينة، هي بمثابة نصوصٍ يجب أن نَعيها حتى نُمثلَها، على
حدّ تعبير جوفمان.(د.محمد عوض الترتوري،عن:almualem.net)
6- المقاربة السوسيوبنائية :
المقاربة السوسيوبنائية، تنطلق من ثلاثة أبعاد أساسية:
- البعد البنائي لسيرورة تملك المعارف وبنائها من قبل الذات العارفة.
- البعد التفاعلي لهذه السيرورة نفسها،حيث الذات تتفاعل مع موضوع معارفها، والمراد تعلمها.
- البعد الاجتماعي(السوسيولوجي) للمعارف والتعلمات حيث تتم
في السياق المدرسي، وتتعلق بمعارف مرموزة من قبل جماعة اجتماعية
معينة.وعليه فإن المقاربة السوسيوبنائية هي مقاربة بنائية تفاعلية
اجتماعية(فليب جونير، ترجمة الحسين سحبان،2005).
.................................................. ............................
* مراجع:
- Pédagogie:dictionnaire des concepts clés…Françoise Raynal et Alain Rieunier,1997 ,ESFéditeur,Paris.
- عبد الكريم غريب، سوسيولوجيا التربية، منشورات عالم التربية،الطبعة الأولى، 2000.
- سلسلة التكوين التربوي،عدد1 ، مطبعة النجاح الجديدة ،1997-1998.
- سلسلة التكوين التربوي،عدد،3، مطبعة النجاح الجديدة، 2001.
- د. عادل السكري، نظرية المعرفة من سماء الفلسفة إلى أرض المدرسة، الدار المصرية اللبنانية، الطبعة الأولى،1999.
- سلسلة التكوين التربوي،عدد5،مطبعة النجاح الجديدة،2001.
- فليب جونير، الكفايات والسوسيوبنائية..إطار نظري، ترجمة الحسين سحبان،مطبعة النجاح الجديدة،الطبعة الأولى 2005.